سورة الحج - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحج)


        


قوله جلّ ذكره: {وَهُدُواْ إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُواْ إِلَى صِرَاطِ الحَمِيدِ}.
الطيبُ من القول ما صَدَر عن قلبٍ خالصٍ، وسِرٍّ صافٍ مما يَرْضَى به علم التوحيد، فهو الذي لا اعتراض عليه للأصول.
ويقال الطيب من القول ما يكون وعظاً للمسترشدين، ويقال الطيبُ من القول هو إرشاد المريدين إلى الله.
ويقال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويقال الدعاء للمسلمين.
ويقال كلمة حقٍ عند من يُخَافُ ويُرْجَى.
ويقال الشهادتان عن قلبٍ مخلص.
ويقال ما كان قائله فيه مغفوراً وهو مُسْتَنْطَقٌ.
ويقال هو بيان الاستغفار والعبد برئٌ من الذنوب.
ويقال الإقرار بقوله: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} [الأعراف: 23].
ويقال أَنْ تَدْعُوَ للمسلمين بما لا يكون لَكَ فيه نصيب.
وأَمَّا {صِرَاطِ الْحَمِيدِ}: فالإضافة فيه كالإضافة عند قولهم: مسجد الجامع أي المسجد الجامع والصراط الحميد: الطريق المرضي وهو ما شهدت له الشريعة بالصحة، وليس للحقيقة عليه نكير.
ويقال الصراط الحميد: ما كان طريق الاتباع دون الابتداع.


الصدُّ عن المسجد الحرام بإخافة السُّبُل، وبِغَصْبِ المال الذي لو بقي في يد صاحبه لوصل به إلى المسجد الحرام.
قوله: {سَوَآءً العَاكِفُ فِيهِ وَالبْادِ} وإنما يعتبر فيه السبق والتقدم.
ومشهد الكِرَام يستوي فيه الإقدام، فَمَنْ وَصلَ إلى تلك العقوة فلا ترتيبَ ولا ردَّ، وبعد الوصول فلا زَجْرَ ولا صدَّ، أمَّا في الطريق فربما يعتبر التقدم والتأخر؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْنَا المُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا المُسْتَئْخِرِينَ} ولكن في الوصول فلا تفاوتَ ولا تباين، ثم إذا اجتمعت النفوسُ فالموضع الواحد يجمعهم، ولكنْ لكلِّ حالٌ ينفرد بها.


أصلحنا له مكانَ البيت وأسكنَّاه منه؛ وأرشدناه له، وهديناه إليه، وأَعنَّاه عليه، وذلك أنه رفع البيت إلى السماء الرابعة في زمن طوفان نوح عليه السلام، ثم أمر إبراهيم عليه السلام ببناءِ البيت على أساسه القديم. قوله: {أَن لاَّ تُشْرِكْ بِى شَيْئاً}، أي لا تلاحظ البيتَ ولا بِناءَك له.
{وَطَهِّرْ بَيْتِىَ....} يعني الكعبة- وذلك على لسان العلم، وعلى بيان الإشارة فَرِّغَ قَلبَكَ عن الأشياء كلَّها سوى ذِكْرِه- سبحانه.
وفي بعض الكتب: «أوحى الله إلى بعض الأنبياء فَرِّغ لي بيتاً أسكنه، فقال ذلك الرسول: إلهي... أي بيت تشغل؟ فأوحى الله إليه: ذلك قلب عبدي المؤمن». والمراد منه ذكر الله تعالى؛ فالإشارة أن يفِّرِّغ قلبه لذكر الله. وتفريغ القلب على أقسام: أوله نم الغفلة ثم مِنْ توهُّم شيءٍ من الحدثان من غير الله.
ويقال قد تكون المطالبة على قوم بِصَوْنِ القلب عن ملاحظة العمل، وتكون المطالبة على الآخرين بحراسة القلب عن المساكنة إلى الأحوال.
ويقال: {وَطَهِّرْ بَيْتِىَ}: أي قَلبكَ عن التطلع والاختيار؛ بألا يكون لك عند الله حظٌّ في الدنيا أو في الآخرة حتى تكون عبداً له بكمال قيامك بحقائق العبودية.
ويقال: {وَطَهِّرْ بَيْتِىَ}: أي بإخراج كل نصيب لك في الدنيا والآخرة من تطلعِ إكرام، أو تَطَلُّبِ إنعام، أو إرادة مقام، أو سبب من الاختيار والاستقبال.
ويقال طَهِّرْ قلبك للطائفين فيه من موارد الأحوال على ما يختاره الحق. {والقَآئِمِينَ} وهي الأشياء المقيمة من مستودعات العرفان في القلب من الأمور المُغْنِيةِ عن البرهان، ويتطلع بما هو حقائق البيان التي هي كالعيان كما في الخبر: «كأنك تراه».
{وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}: هي أركان الأحوال المتوالية من الرغبة والرهبة، والرجاء والمخافة، والقبض والبسط، وفي معناه أنشدوا:
لست من جملة المحبين إن لم *** أجعل القلبَ بيتَه والمقاما
وطوافي إجالةُ السِّرِّ فيه *** وهو ركني إذا أردتُ استلاما
قوله: {لاَّ تُشْرِكْ بِى شَيْئاً}: لا تلاحظ البيت ولا بِنَاءكَ للبيت.
ويقال هو شهود البيت دون الاستغراق في شهود ربِّ البيت.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10